التنظيم القانوني للعقد الذكي

إن التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل الذي تشهده البشرية في العصر الحديث يلقي بظلاله ونتائجه علي كافة جوانب الحياة، والعلاقات بين الأفراد فيما بينهما، والعلاقات بين الدول ، وبدت ملامح تأثيره البالغ علي المراكز القانونية والحقوق والحريات. يبدو ذلك بوضوح بصدد ثورة الإتصالات والفضائيات والحاسبات الآلية والمعلوماتية عبر شبكة الإنترنت، والإنعكاسات الهائلة لها علي سرعة وسهولة التواصل، وازدهار المعاملات والتجارة الإلكترونية، حيث اصبح العالم بمثابة بلدة واحدة، وارتبط أبناءه بشبكة يسبح فيها الجميع بحرية، أمام غياب السلطة المركزية وضعف الرقابة والتحكم فيها.
يقع العالم الآن علي أعتاب ثورة نوعية جديدة يقودها الذكاء الإصطناعي Artificial Intelligence ، وإنترنت الأشياء، وسلاسل الكتل Block Chains،والعملات الإفتراضية المشفرة، والشرائح الذكية المزروعة في جسم الإنسان، والعقود الذكية Smart Contracts، وغيرها من التقنيات الذكية، ومن شأن هذه الثورة أن تغير ليس فقط من هياكل الإنتاج وخصائص المجتمعات وموازين القوة،بل تغير أيضاً من المنظور المعرفي للبشر تجاة الأشياء بصورة عامة . فالبشرية أصبحت علي وشك التحول نحو جيل جديد من المجتمعات، حيث ينذر هذا التحول بظهور مجتمع فائق الذكاء تكون فيه اليد العليا للآلة علي الإنسان، وتتحقق فيه الخيال العلمي بتآكل المجتمع من داخله عبر إزالة الفواصل بين ماهو مادي وما هو إنساني، ويتعدي مجتمع المعلومات، ليظهر مجتمع ما بعد المعلومات