تعتبر جريمة الاتجار بالبشر جريمة قديمة قدم البشرية, وکانت تلک الظاهرة الخطيرة قد قادها بعض المتاجرين في الرقيق الأبيض من نساء وأطفال وغيرهم, وتعتبر قارتنا الإفريقية – حتى يومنا هذا- مرتعاً لتلک الجريمة التي ترتکب ضد الإنسانية, ونظرا لکافة الملابسات التي تحيط بها فقد أضحت هذه الجريمة من الجرائم التي أخضعها المجتمع الدولي للاختصاص العالمي, ومن ثم أصبحت من الجرائم الدولية, وليست جريمة فردية أو محلية مثل مافيا المخدرات, فهي جريمة متعددة الأوجه, وقد زاد انتشار تلک الظاهرة الإجرامية على نطاق واسع, وتنوعت أفعالها وظهرت أشکال جديدة لها لم تکن موجودة من قبل, واستفاد مرتکبوها من التقدم الهائل في التکنولوجيا, ووسائل الاتصال, والعولمة, وسهولة انتقال الأموال والأفراد, وانتشار الفقر, وتکالب القائمين عليها لأرباحها الخيالية( ). وقد شهدت معظم المجتمعات والحضارات منذ فجر التاريخ نظام الرق, حيث کان نظاما سائدا في الحضارات الفرعونية والإغريقية والرومانية, وقد بدأ "الرق" کظاهرة اقتصادية واجتماعية, تلازمت مع بدء الاستقرار المکاني للإنسان وحاجته إلى عناصر إنتاج من الطيور والحيوانات والزراعة, إضافة إلى الأيدي العاملة لتحقيق ذلک, الأمر الذي أدى إلى تفشي ظاهرة الاستيلاء على المستضعفين وتسخيرهم للعمل الشاق والقسري والاستغلال الجنسي, بل وتقديمهم في بعض الأحيان قرابين للآلهة الطوطمية والوثنية سعيا لنيل رضا الآلهة, وکذلک الاتجار بالعبيد بوصفهم سلعة تباع وتشترى( ).